التحسين المستمر (كايزن) في الإسلام
كايزن هي كلمة يابانية مركبة من جزئين “KAI” و تعني غيّر أو التغيير ( change ) و “ZEN” وهي تعني الأفضل أو الأحسن (good ). وهي فلسفة التحسين المستمر ،أي أن كل عملية أو خطوات عمل , يمكن وينبغي تقييمها باستمرار وتحسينها (هي عملية التحسين والتقييم المستمر لكل عملية أو خطوات عمل) من حيث الوقت اللازم، والموارد المستخدمة ، ونوعية الجودة الناجمة عن ذلك ، والجوانب الأخرى ذات الصلة في هذه العملية أو خطوات العمل.
إن الإسلام دين شامل و كامل و واقعي، فكمال الإسلام و شموليته مؤكدة من خلال ماذُكر في القران من آيات تؤكد ذلك. وواقعية الإسلام تقتضي من إتباعه من العامة وأهل العلم والاختصاص منهم على وجه الخصوص أن يعيشوا عصرهم ويعرفوا واقعهم، وأن يحسنوا الانتفاع من كل ما هو جديد و مفيد، و بناءاً على ذلك فإنه من واجبنا أن نوضح العلاقة الضمنية الموجودة بين المبادئ الأساسية لديننا الحنيف والتحسين المستمر .
إن التحسين المستمر في المنهج الإسلامي يتصف بالمثالية والواقعية , مثالية أي مثالية المعايير التي يجب أن يرتقي إليها أداء كل مسلم بما يتناسب مع واقعه وإمكانياته وقدراته والظروف المحيطة به مع الأخذ بالإعتبار أن الفرد يخطئ ويقصر في أدائه لواجباته فإن الله هو أعلم به من نفسه, فالمنهج الإسلامي يحث على الوصول إلى المثالية في كل شيء , ولكنه يدرك أن الإنسان لايمكن أن يكون مثاليا فهو بالتالي يضع أداء الفرد ضمن حدين, حد أعلى مثالي تحضه على الوصول إليه, وحد أدنى مقبول تحاسبه إذا نزل دونه. ومن هنا يتضح دور التحسين المستمر, حيث أن ديننا الحنيف يحثنا على التطوير من أنفسنا وتحسين أدائنا في مجال عملنا.
من المعلوم أن الإسلام يحتوي على أمور تعبدية مثل (العقائد والفرائض والمحرمات), وأمور مصلحية تدور حول مصالح العباد في أمورهم الحياتية, فالأمور التعبدية علينا فيها معرفتها والإجتهاد في تنفيذها أما الأمور المصلحية فقد أطلق الدين الإسلامي لعقولنا العنان فيها لنفكر ونبدع مالم يتعارض ذلك مع أي قاعدة شرعية أو ينتج عنه إرتكاب محرم.
إن هذه التوجيهات الربانية ما هي إلا مبادئ أساسية مطلقة في إتقان العمل و أداء أي منتج أو خدمة بالوجه الذي يحقق أفضل النتائج، فالمسلم بموجبها مُلزَم في حياته بأداء جميع الأعمال بشكل صحيح و من المرة الأولى و الوقاية من الوقوع في الأخطاء و العيوب، يلاحظ أن هناك تمازجا وتزاوجا بين البعد الأخلاقي و الإيماني مع البعد المادي للأعمال، و الحقيقة أن هذا أهم ما يميز الفكر الإسلامي على الفكر الغربي المادي المعاصر.
يقودنا هذا إلى حقيقة أن الكايزن هو المقابل لمبدأ الاتقان في ديننا.